ومن غدر الأقرباء ما قتل

بقلم: علي السعماري

أستاذ باحث في شؤون الهجرة والثقافة

قال السياسي والمقاوم الكبير المرحوم المحجوبي أحرضان “السنبلة التي تعلو في الحقل تكون دائما المستهدفة الأولى من طرف الطيور”، وهذ المثل ينطبق على المملكة التي تبوأت مراتب متقدمة في مجال التنمية في مختلف تجلياتها خلال العشرين سنة الأخيرة.

و يرجع الفضل في ذلك إلى الاستراتيجية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ومن بين اهم أسس هذه الاستراتيجية، توفير البنى التحتية، والتي تعد ركيزة أساسية ورافعة لكل تنمية وازدهار، وبناء على ذلك، اصبحت المملكة المغربية تتوفر على موانىء عالمية تضاهي موانىء عريقة وعلى رأسها ميناء طنجة بالإضافة إلى موانى أخرى، كمينائي الناظور والدار البيضاء الكبرى، إضافة إلى مينائ الداخلة الذي لا زال  في طور الإنجاز حيث من المنتظر أن يكون له شأن كبير في قاريا ودوليا بفضل موقعه الاستراتيجي، كمرصد أفريقي للنقل البحري خاصة بعد المبادرة الملكية الأطلسية التي ستجعل من هذا الميناء نواة شراكة وبوابة لكل الدول الأفريقية خاصة التي ليس لها منفذ على البحر.

علاوة على الموانىء يتوفر المغرب على شبكة طرقية مهمة تعد الأولى قاريا، إذ تناهز الطرق السيارة والطرق المزدوجة ثلاثة آلاف كيلومتر، إضافة الى المطارات التي تغطي كل جهات المملكة ومعظم مدنهاـ هذا دون إغفال مرافق حيوية أخرى مثل الجامعات والمدارس العليا ذات التخصصات المتنوعة والملاعب الرياضية والسكك الحديدية وعلى راسها شبكة القطار السريع التي ستمتد إلى مدينة أكادير في أفق تنظيم المملكة لكأس العالم بمعية إسبانيا والبرتغال المقرر إقامته في سنة 2030.

وعطفا على ما ذكر، تجدر الإشارة إلى اقتحام المغرب مجال الصناعة، إذ أصبح رائدا في المجال على المستوى القاري، هذا دون إغفال صناعة أجزاء الطائرات وصناعات مختلفة أخرى

هذه التنمية التي ينظر إليها الخصوم، حسدا، نظرة شؤم ويحاولون إجهاضها بكل ما أوتوا من قوة، نذكر على سبيل المثال الأموال الطائلة التي قدمتها دولة الجزائر كرشوة لعرقلة الصفقة التي أبرمتها الحكومة المغربية مع شركة رونو لصناعة السيارت، وذلك وفق ما أقر به سلال الرئيس السابق لحكومة هذا البلد في إحدى جلسات محاكمته.

ولم تتوقف محاولات الخصوم اليائسة الرسمية إلى تقويض المسيرة التنموية للبلاد من خلال زعزعة استقراه وضرب أمنه القومي، ولعل الشائعات المغرضة والمغالطات البخيسة روجت بشأن رسو سفن في موانىء مغربية محملة بمعدات حربية موجهة الى إسرائيل لأحسن دليل على ذلك.  هذه الادعاءات المغرضة استغلتها بعض الجهات التي تخدم أجندة الخصوم وجيشت حشودا من المواطنين الذين خرجوا عن لاوعي في مظاهرات صاخبة ضد دولتهم دون ان يدركوا تداعيات هذه المناورات الحقيرة على امن واستقرار البلاد.

التحام المناورون في تحالف هجين

ضم التيار الأصولي المتشدد وتيار اليسار الرادكالي اللذان لاتجمعهما ذرة من التوافقات، إن على المستوى الاديولوجي أو العقائدي، وكان من الممكن استيعاب هذه الوضعية الشاذة، لو تعلق الأمر بمناصرة قضية عادلة ترقى إلى مستوى التضحية، لكن أن يستغل مدبرو هذا الحدث الشاذ، افتراءات يراد بها باطل، وشحد حشود من المواطنين الذين انساقوا مع خطتهم الدنيئة كالقطيع، من أجل ضرب شرايين الاقتصاد الوطني وبالتالي الأمن القومي لبلادنا، فإنه أمر مرفوض ومدان، لأن مصلحة الوطن خط أحمر لا يجب المساس بها.


وبالنظر إلى حساسية الظرفية وخطورة الدعايات الكاذبة وما تمخض عنها من أعمال شغب، فإن اللوم وكل اللوم لا يقع عل  الحشود التي انجرفت بدون وعي وراء هذه الأكذوبة المقيتة، حيث  اعتقدت أنها صنعت من كثرة غبائها نصرا عظيما؛ بل يقع على رؤوس الحرباء الذين غرروا بهؤلاء البسطاء وجيشوهم لغرض في نفس يعقوب، ذلك أنهم يدركون تمام الإدراك، أن المعدات الحربية لا تنقل من حيث المنطق عبر السفن التي يستغرق تنقلها أسابيع، في حين أن الحاجة إلى هذا العتاد يتطلب تنقيله في ساعات معدودة عبر الطائرة.

وقد انكشفت سوأة هؤلاء حينما نفت الشركة الدانماركية “ميرسك” المالكة للسفن المختصة بنقل الحاويات الحديدية عبر العالم، نقل أي عتاد حربي موجه لإسرائيل، بل الأكثر من ذلك، هددت بمقاضاة كل من ينشر ادعاءات كاذبة.

إن أحداث الشغب التي طالت موانىء مدينتي طنجة والدار البيضاء، عرفت تجاوزات خطيرة ارتكبها بعض النافذين من المحرضين، وذلك بلجوءهم الى استخدام العنف اللفظي والبدني ضد المسؤولين الأمنيين بمختلف درجاتهم، كما أنهم رفعوا شعارات مخزية مسيئة للوطن ومقدساته، هذه التجاوزات وهذه الاعتداءات تفاعلت معها السلطات الأمنية برزانة ومرونة منقطعة النظير.

وتحصيل الحاصل، اذا كانت قلوبنا وجوارحنا، ملكا وشعبا مع أشقاءنا في فلسطين، فإن ذلك لا يبرر ما قام به المندسين في أوساط المجتمع المغربي، الذين استغلوا  الادعاءات المغرضة التي يروج لها المناوؤن لمصلحة البلاد للنيل من الاستقرار الذي تنعم به المملكة المغربية الشريفة ولتخريب المنجزات الهائلة التي تم تحقيقها  خلال العشرين سنة الأخيرة تحت القيادة الرشيد لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

Read Previous

أولاد تايمة: توقيف شخص لارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا

Read Next

تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت